السؤال :
آبائي وأجدادي كانوا يقيمون الفرائض الدينية، ولنا مقبرة خاصة كانوا قد دُفِنُوا فيها، ودُفِنَ معهم من أبناء منطقتنا وأبناء العشائر الأخرى، وشُيدت لبعض المتمسِّكين منهم بالدين كثيرًا بعضُ القبور المتميزة؛ فهل يجوز لنا أن نسكن بالقرب منهم على المقبرة، وإن كان بعض منا قد سكن منذ مدة؛ فماذا يفعل؟
الجواب :
إن كان القصد أنه بُني على بعض هذه القبور قباب وبُني عليها بنايات تعظيمًا لها؛ فهذا لا يجوز، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتخذون القبور مساجد (6)، ونهى عن البناء على القبور (7)؛ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن لا تَدَعَ قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيتَه ولا صورةً إلا طمستها) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/666) من حديث أبي الهياج الأسدي رضي الله عنه.]، والقبر المُشرف هو المرفوع بالبناء وغيره؛ لأن هذا يلفت النظر إليه، وربما يكون وسيلة للشرك به مع تطاول الزمن وفشوّ الجهل بين الناس كما هو الواقع.
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، ونهى عن تجصيصها (8)، ونهى عن الكتابة (9) عليها، ونهى عن إسراجها بالسرج والقناديل؛ قال صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ الله زوَّارات القبورِ والمُتَّخذين عليها المساجدَ والسُّرُجَ) [رواه الإمام أحمد في "المسند" (2/337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن...)، ورواه الترمذي في "سننه" (4/12) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم...)، ورواه ابن ماجه في "سننه" (1/502) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم...).].
أما إذا كان القصد أنها بُني عليها مساكن، وجُعل طابقٌ فوق القبور؛ فهذا لا يجوز؛ لأن فيه إهانة للقبور، أما السكن في المساكن القريبة؛ فلا مانع منه، إذا لم يحصل منه أذية للقبور وامتهان لها.