السؤال :
ورد في [صحيح البخاري] عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي فهل معنى ذلك: أن الإنسان يمكن أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، حيث إنه حصل نقاش كبير حول هذا الموضوع وادعى ناس أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واستدلوا بهذا الحديث؟
الجواب :
مضت سنة الله أن جعل الناس أحياء في الدنيا بعد أن كانوا أمواتا؛ ليبلوهم أيهم أحسن عملا، ثم يميتهم فيها عند انتهاء آجالهم ثم يبعثهم يوم القيامة للحساب والجزاء، قال الله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون وقال سبحانه في سورة المؤمنون: ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون وجعل سبحانه تلك السنة الكونية عامة للأنبياء والمرسلين حتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما بلغ الرسالة وأكمل الله به دينه وأقام به الحجة على خلقه، وصلى عليه أصحابه رضي الله عنهم صلاة الجنازة، ودفنوه حيث مات في حجرة عائشة رضي الله عنها، وقام من بعده الخلفاء الراشدون، وقد جرى في أيامهم أحداث ووقائع فعالجوا ذلك باجتهادهم ولم يرجعوا في شيء منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن زعم بعد ذلك أنه رآه في اليقظة حيا وكلمه أو سمع منه شيئا قبل يوم البعث والنشور فزعمه باطل؛ لمخالفته النصوص والمشاهدة وسنة الله في خلقه، وليس في هذا الحديث دلالة على أنه سيرى ذاته في اليقظة في الحياة الدنيا؛ لأنه يحتمل أن المراد بأنه: فسيراني يوم القيامة، ويحتمل أن المراد: فسيرى تأويل رؤياه؛ لأن هذه الرؤيا صادقة بدليل ما جاء في الروايات الأخرى من قوله صلى الله عليه وسلم: "فقد رآني" الحديث. وقد يراه المؤمن في منامه رؤيا صادقة على صفته التي كان صلى الله عليه وسلم عليها أيام حياته الدنيوية.
وإذا أردت زيادة الفائدة فارجع إلى ما كتبه العلامة أحمد بن حجر شرحا لهذا الحديث في كتابه [فتح الباري]
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز