السؤال :
فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: نطلب منكم كلمة توجيهية ختامية لطلبة العلم بخصوص الأحزاب والجماعات المغرضة التي بدأت تظهر الدعوة إليها بين صفوف الشباب وجزاكم الله خيرًا.
الجواب :
هذه البلاد ولله الحمد كانت جماعة واحدة وأمة واحدة على الحق؛ لا يعرف فيهم انقسام، ولم توجد فيهم أحزاب وأفكار متفرقة، وإنما فكرهم واحد واتجاههم واحد وعقيدتهم التوحيد وأخلاقهم على الإسلام ولله الحمد واتباع لمنهج السلف الصالح؛ حاكمهم ومحكومهم، غنيهم ونفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، ذكروهم وإناثهم؛ كلهم جماعة واحدة من أقصى البلاد إلى أقصاها.
فهذه البلاد لا تسمح بقبول مناهج وافدة أو مذاهب وافدة أو أفكار وافدة؛ لأنها ولله الحمد غنية بما عندها من الحق ومن الاجتماع على الكتاب والسنة مما لا يوجد له نظير في دول العالم اليوم، هذه البلاد ولله الحمد هي أمثل دول العالم في الأمن والاستقرار في العقيدة؛ في الأخلاق والسلوك، في جميع الأمور، وذلك ببركة اتباع الكتاب والسنة، ثم ببركة دعوة الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله ومناصريها من حكام هذه البلاد وفقهم الله.
فلا يجوز لهذه البلاد أن تقبل أي فكر وافد أو أي مذهب وافد أو أي منهج وافد؛ لأن عندها ولله الحمد ما يغني عن ذلك، ليس هذا من باب عدم قبول أو رفض الحق، لا؛ لأن الحق موجود ولله الحمد؛ فماذا يأتي به الوافد، إلينا إن كان يريد الحق؛ فهو موجود عندنا ولله الحمد، وإن كان يريد التفرقة ويريد الهدم؛ فنحن نقول: لا، نحن لا نسمح لأي مذهب أو لأي حزب أن يدخل بيننا؛ لأن ذلك يُفرِّق جماعتنا ويزيل نعمتنا ويردنا إلى ما كانت عليه هذه البلاد قبل هذه الدعوة من أمور الجاهلية والتفرق؛ والله تعالى نهى عن التفرق، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ...} [آل عمران: 103.]، وقال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105.]، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159.]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه من يَعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسُنّة الخلفاء الرّاشدين من بعدي؛ تمسّكوا بها وعضُّوا عليها بالنّواجذ وإيّاكم ومُحدثات الأمور فإن كل مُحدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة) (4)، والله تعالى يقول: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153.]؛ ماذا يريد هؤلاء؟ يريدون صلاح العقيدة، هذا موجود ولله الحمد، يريدون الحكم بما أنزل الله، هذا موجود عندنا ولله الحمد، يريدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا موجود عندنا ولله الحمد، يريدون إقامة الحدود، هذا موجود عندنا ولله الحمد، أنا لا أقول: إننا كاملون من كل وجه، أقول: عندنا نقص، ولكن هذا النقص يمكننا إصلاحه بإذن الله إذا أخلصنا لله عز وجل وتناصحنا فيما بيننا بالطريقة الشرعية؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصيحةُ، الدِّينُ النَّصيحةُ، الدِّينُ النَّصيحةُ). قلنا: لمن؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامَّتهم) [رواه الإمام مسلم في صحيحه (1/74) من حديث تميم الداري رضي الله عنه.]، فبإمكاننا أن نصلح ما عندنا من الخلل والنقص، وإن كان شيئًا يسيرًا ولله الحمد، وربما يكون كثيرًا، لكنه لا يُخِلُّ بالعقيدة ولا يُخِلُّ بالمنهج السليم، نعم وُجِدَ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من يزني ووُجِدَ من يسرق ووُجِد من يقتل النفوس بغير حق، لكن كان تقام عليهم الحدود ويؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر، كذلك في بلدنا هذا تُقام الحدود ولله الحمد، ويُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر، وإن كان النقص موجودًا.
أمّا أن يُقال: لا بد من تأسيس جديد ومن إقامة أمة جديدة؛ فهذا من الباطل الذي يُرادُ به إزالة هذه النعمة الموجودة في هذه البلاد، وهو مما يحسدنا عليه الأعداء ويريدون إزالته عنا.