السؤال :
الدّين النّصيحة، والنّصيحة أصلٌ من أصول الإسلام، ومع هذا نجد بعض الإشكال فيما يتعلَّق بمعنى النّصيحة لولاة الأمر، وحدودها، وكيف تُبذلُ؟ وكيف يُتدرَّجُ؟ ومن أبرز الإشكالات تلك المتعلِّقة بالتَّغيير باليد؛ هل لكم في إيضاح هذه المسألة؟
الجواب :
النبي صلى الله عليه وسلم وضَّح هذا وقال: (الدِّينُ النَّصيحةُ). قُلنا: لِمَن؟ قال: (لله، ولكتابه،ولرسوله، ولأئمّة المسلمين وعامّتهم) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/74) من حديث تميم الداري رضي الله عنه.].
النّصيحة لأئمّة المسلمين تكون بطاعتهم بالمعروف، وتكون بالدُّعاء لهم، وبيان الطّريق الصّحيح لهم، وبيان الأخطاء التي قد تقع منهم من أجل تجنُّبها، وتكون النَّصيحة لهم سرّيّة بينهم وبين النّاصح، وتكون أيضًا بالقيام بالأعمال التي يكلونها إلى موظّفيهم وإلى من تحت أيديهم بأن يؤدُّوا أعمالهم بأمانة وإخلاص. هذا من النّصيحة لوليّ أمر المسلمين.
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن رأى منكم منكرًا؛ فليغيّرهُ بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/69) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.].
ومعنى ذلك أنّ المسلمين على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: من عنده العلم والسُّلطة؛ فهذا يغيِّرُ المنكر بيده، وذلك مثل ولاة الأمور ومثل رجال الهيئات والحسبة الذين نصّبهم وليّ الأمر للقيام بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، هؤلاء يغيّرون بأيديهم بالطّريقة الحكيمة المشروعة.
وهناك من عنده علم، وليس عنده سلطة؛ فهذا يغيّر بلسانه؛ بأن يبيّن للناس حكم الحلال والحرام، والمعروف والمنكر، ويأمر وينهى، ويرشد ويعظ وينصح، هذا من الإنكار باللسان.
وهناك من ليس عنده علم، وليس عنده سلطة، ولكنّه مسلم؛ فهذا عليه أن يُنكر المنكر بقلبه؛ بأن يكره المنكر وأهل المنكر، ويبعد نفسه عن الاجتماع بأهل المنكر؛ لئلا يؤثِّروا عليه، هذه هي درجات الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.