جديد المحاضرات
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 8 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 1 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 2 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 3 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 4 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 5 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 6 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
شرح رسالة أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رحمه الله 7 (الشيخ عبد الرحمن بن صالح محي الدين)
نصيحة العلامة الوالد شيخ زيد المخلي لطلبة العلم (زيد بن محمد هادي المدخلي)
حكم تارك الصلاة في المسجد ويليه حكم تارك الصلاة (عبد الرزاق عفيفي)
رد العلامة عبيد الجابري على تحريض القرضاوي على الإمارات وحكامها/3obaydaljabiri (عبيد بن عبد الله الجابري)
سنن مهجورة في رمضان (محمد ناصر الدين الألباني)
تحذير الأكارم من الوقوع في المظالم (عبيد بن عبد الله الجابري)
تبشيرُ أهلِ الحَوبةِ بآثارِ التوبة (عبيد بن عبد الله الجابري)
التحذير من مجالسة أهل البدع والأهواء (محمد بن هادي المدخلي)
العقيدة أولا لو كانوا يعلمون (محمد أمان الجامي)
الرد على الكوثري (محمد أمان الجامي)
الرد على الأشاعرة والمعتزلة (محمد أمان الجامي)
الدين النصيحة – بمدينة الإحساء (محمد أمان الجامي)
الحلال بين و الحرام بين (محمد أمان الجامي)
التفريق بين صفات الخالق و المخلوق (محمد أمان الجامي)
التعليقات المفيدة والإجابات السديدة (محمد أمان الجامي)
التجديد بمفهومية ( ما هكذا يا سعد تورد الإبل ) (محمد أمان الجامي)
الإجابة العلمية على رسالة من تاب من الحزبية (محمد أمان الجامي)
أفعال العباد (محمد أمان الجامي)
إجابات منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله (محمد أمان الجامي)
العلم الذي قل اليوم (محمد أمان الجامي)
القول المستفاد في مجازفات الحداد (محمد أمان الجامي)
تجاربي مع الإخوان المسلمين (محمد أمان الجامي)
سبع وعشرون سؤالا في الدعوة السلفية (محمد أمان الجامي)
جديد السلاسل العلمية
شرح أصول الايمان للإمام محمد بن عبد الوهاب (أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - صالح آل الشيخ)
شرح العقيدة الواسطية (أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - صالح آل الشيخ)
مجالس رمضانية (محمد ناصر الدين الألباني)
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع (محمد أمان الجامي)
ليس من النصيحة في شيء (محمد أمان الجامي)
شكران لا كفران (محمد أمان الجامي)
إنما الأعمال بالنيات (محمد أمان الجامي)
الحكم بغير ما أنزل الله (محمد أمان الجامي)
أسباب الإجابة (محمد أمان الجامي)
شرح الإبانة الصغرى لإبن بطة (محمد بن هادي المدخلي)
شرح الأربعين النووية (شروحات المتون - عطية بن محمد سالم )
الهجرة النبوية (عطية بن محمد سالم )
شرح متن الورقات (شروحات المتون - عطية بن محمد سالم )
شرح الرحبية (شروحات المتون - عطية بن محمد سالم )
شرح الأدب المفرد (عطية بن محمد سالم )
شرح نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (علوم الحديث - وصي الله عباس)
شرح مقدمة ابن الصلاح (علوم الحديث - وصي الله عباس)
شرح تدريب الراوي (علوم الحديث - وصي الله عباس)
فضل كلام الله و القرآن (عبد الرزاق عفيفي)
شبهات حول السنة (عبد الرزاق عفيفي)
بناء البيت الحرام (عبد الرزاق عفيفي)
الصيام ويوم عاشورا (عبد الرزاق عفيفي)
قصة الخليل إبراهيم عليه السلام (عبد الرزاق عفيفي)
تفسير بعض سور القرآن (التفسير - عبد الرزاق عفيفي)
شرح أصول السنة للإمام أحمد رحمه الله (أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)
شرح التوضيح الأبهر للسخاوي رحمه الله (عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)
كتاب النكاح (منهاج السالكين - عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)
شرح منظومة القواعد الفقهية للعلاَّمة السعدي رحمه الله تعالى (عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)
شرح المنظومة البيقونية (عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)
شرح كامل لمتن نخبة الفكر للإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى (عبد الله بن عبد الرحيم البخاري)


المصدر : مجموع فتاوى ابن تيمية
موضوع الفتوى : العقيدة
الكتاب : كتاب توحيد الربوبية


السؤال :

السلف والأئمة كفَّروا الجهمية لما قالوا‏‏ إنه في كل مكان

الجواب :

والسلف والأئمة كفَّروا الجهمية لما قالوا‏:‏ إنه في كل مكان، وكان مما أنكروه عليهم‏:‏ أنه كيف يكون في البطون، والحشوش، والأخلية‏؟‏ تعالى الله عن ذلك‏.‏ فكيف بمن يجعله نفس وجود البطون، والحشوش، والأخلية، والنجاسات، والأقذار‏؟‏
واتفق سلف الأمة وأئمتها‏:‏ أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وقال من قال من الأئمة‏:‏ من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها‏.‏
وأين المشبهة المجسمة من هؤلاء‏؟‏ فإن هؤلاء غاية كفرهم أن يجعلوه مثل المخلوقات‏.‏
لكن يقولون‏:‏ هو قديم، وهي محدثة، وهؤلاء جعلوه عين المخلوقات، وجعلوه نفس الأجسام المصنوعات، ووصفوه بجميع النقائص والآفات، التي يوصف بهما كل كافر، وكل فاجر، وكل شيطان، وكل سبع، وكل حية من الحيات، فتعالى الله عن إفكهم وضلالهم، وسبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرًا‏.‏
والله ـ تعالى ـ ينتقم لنفسه، ولدينه، ولكتابه ولرسوله، ولعباده المؤمنين منهم‏.‏
وهؤلاء يقولون‏:‏ إن النصارى إنما كفروا لتخصيصهم، حيث قالوا‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 17‏]‏ ‏.‏ فكل ما قالته النصارى في المسيح يقولونه في الله، وكٌفْر النصارى جزء من كفر هؤلاء‏.‏
ولما قرؤوا هذا الكتاب المذكور على أفضل متأخرىهم، قال له قائل‏:‏ هذا الكتاب يخالف القرآن‏.‏ فقال‏:‏ القرآن كله شرك‏.‏ وإنما التوحيد في كلامنا هذا‏:‏ يعني أن القرآن يفرق بين الرب والعبد، وحقيقة التوحيد عندهم أن الرب هو العبد، فقال له القائل‏:‏ فأي فرق بين زوجتي وبنتي إذا‏؟‏ قال‏:‏ لا فرق، لكن هؤلاء المحجوبون قالوا‏:‏ حرام، فقلنا‏:‏ حرام عليكم‏.‏
وهؤلاء إذا قيل في مقالتهم‏:‏ إنها كفر، لم يُفْهِم هذا اللفظ حالها، فإن الكفر جنس تحته أنواع متفاوتة، بل كفر كل كافر جزء من كفرهم؛ ولهذا قيل لرئيسهم‏:‏ أنت نصيري‏.‏ فقال‏:‏ نصير جزء مني، وكان عبد الله بن المبارك يقول‏:‏ إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية، وهؤلاء شر من أولئك الجهمية، فإن أولئك كان غايتهم القول بأن الله في كل مكان، وهؤلاء قولهم‏:‏ إنه وجود كل مكان، ما عندهم موجودان، أحدهما حال والآخر محل، ولهذا قالوا‏:‏ إن آدم من الله بمنزلة إنسان العين من العين، وقد علم المسلمون، واليهود، والنصارى؛ بالاضطرار من دين المرسلين‏:‏ أن من قال عن أحد من البشر‏:‏ إنه جزء من الله فإنه كافر في جميع الملل؛ إذ النصارى لم تقل هذا - وإن كان قولها من أعظم الكفر ـ لم يقل أحد‏:‏ إن عين المخلوقات هي جزء الخالق، ولا أن الخالق هو المخلوق، ولا الحق المنزه هو الخلق المشبه‏.‏
وكذلك قوله‏:‏ إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها، هو من الكفر المعلوم بالاضطرار من جميع الملل، فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام، وكفروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمنا حتى يتبرأ من عبادة الأصنام، وكل معبود سوى الله، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 4‏]‏‏.‏
وقال الخليل‏:‏ ‏{‏قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ‏}‏‏[‏الشعراء‏:‏ 75‏:‏ 77‏]‏، وقال الخليل لأَبيِهِ وقومه ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 26، 27‏]‏، وقال الخليل ـ وهو إمام الحنفاء الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب واتفق أهل الملل على تعظيمه لقوله -‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 78، 79‏]‏‏.‏
وهذا أكثر وأظهر، عند أهل الملل من اليهود، والنصارى ـ فضلا عن المسلمين ـ من أن يحتاج أن يستشهد عليه بنص خاص، فمن قال‏:‏ إن عباد الأصنام لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا من هؤلاء، فهو أكفر من اليهود والنصارى، ومن لم يكفرهم فهو أكفر من اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى يكفرون عباد الأصنام، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلا من الحق بقدر ما ترك منها‏؟‏ مع قوله‏:‏ فإن العالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حتى عبد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود، بل هو أعظم من كفر عباد الأصنام؛ فإن أولئك اتخذوهم شفعاء، ووسائط، كما قالوا‏:‏‏{‏مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى‏}‏‏[‏الزمر‏:‏3‏]‏، وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ‏}‏‏[‏الزمر‏:‏43‏]‏
وكانوا مقرين بأن الله خالق السموات والأرض، وخالق الأصنام، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏38‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏106‏]‏‏.‏
قال ابن عباس‏:‏ تسألهم من خلق السموات والأرض فيقولون‏:‏ الله، ثم يعبدون غيره، وكانوا يقولون في تلبيتهم‏:‏ لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ‏}‏‏[‏الروم‏:‏28‏]‏
وهؤلاء أعظم كفرًا، من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابدًا لله لا عابدًا لغيره، وأن الأصنام من الله بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان،  وبمنزلة قوى النفس من النفس، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره، وأنها مخلوقة، ومن جهة أن عباد الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسموات والأرض ربًا غيرهما خلقهما، وهؤلاء ليس عندهم للسموات، والأرض، وسائر المخلوقات رب مغاير للسموات والأرض، وسائر المخلوقات، بل المخلوق هو الخالق‏.‏
ولهذا جعل قوم عاد، وغيرهم من الكفار، على صراط مستقيم، وجعلهم في عين القرب، وجعل أهل النار يتمتعون في النار، كما يتمتع أهل الجنة في الجنة‏.‏
وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام‏:‏ أن قوم عاد وثمود، وفرعون وقومه، وسائر من قص الله قصته من الكفار أعداء الله، وأنهم معذبون في الآخرة، وأن الله لعنهم وغضب عليهم، فمن أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم، فهو أكفر من اليهود والنصارى، من هذا الوجه‏.‏
وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء، وبيان كفرهم وإلحادهم، فإنهم من جنس القرامطة الباطنية، والإسماعيلية، الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل، كما قال الشيخ إبراهيم الجعبري، لما اجتمع بابن عربي ـ صاحب هذا الكتاب ـ فقال‏:‏ رأيته شيخًا نجسًا، يكذب بكل كتاب أنزله الله، وبكل نبي أرسله الله‏.‏
وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام ـ لما قدم القاهرة وسألوه عنه ـ قال‏:‏ هو شيخ سوء كذاب مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا، فقوله‏:‏ يقول بقدم العالم، لأن هذا قوله، وهذا كفر معروف، فكفره الفقيه أبو محمد بذلك، ولم يكن بعد ظهر من قوله‏:‏ إن العالم هو الله، وإن العالم صورة الله، وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم، الذين يثبتون واجب الوجود، ويقولون‏:‏ إنه صدر عنه الوجود الممكن‏.‏
وقال عنه من عاينه من الشيوخ‏:‏ إنه كان كذابًا مفتريا، وفي كتبه ـ مثل الفتوحات المكية وأمثالها ـ من الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب‏.‏ هذا وهو أقرب إلى الإسلام من ابن سبعين، ومن القونوي، والتلمساني، وأمثاله من أتباعه، فإذا كان الأقرب بهذا الكفر ـ الذي هو أعظم من كفر اليهود والنصارى ـ فكيف بالذين هم أبعد عن الإسلام‏؟‏ ولم أصف عُشْر ما يذكرونه من الكفر‏.‏
ولكن هؤلاء الْتَبَس أمرهم على من لم يعرف حالهم، كما الْتَبَسَ أمر القرامطة الباطنية لما ادعوا أنهم فاطميون، وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتبعون مائلين إليهم، غير عالمين بباطن كفرهم
ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين‏:‏ إما زنديقًا منافقًا، وإما جاهلا ضالا‏.‏
وهكذا هؤلاء الاتحادية‏:‏ فرؤوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحد منهم، إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة، الذين يظهرون الإسلام، ويبطنون أعظم الكفر، وهم الذين يفهمون قولهم، ومخالفتهم لدين المسلمين، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، أو‏:‏ من قال‏:‏ إنه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء، والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادًا، ويصدون عن سبيل الله‏.‏
فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية‏.‏
ولهذا هم يريدون دولة التتار، ويختارون انتصارهم على المسلمين، إلا من كان عاميًا من شيعهم وأتباعهم، فإنه لا يكون عارفًا بحقيقة أمرهم‏.‏
ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر، ومن كان محسنا للظن بهم ـ وادعى أنه لم يعرف حالهم ـ عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم‏.‏
وأما من قال‏:‏ لكلامهم تأويل يوافق الشريعة، فإنه من رؤوسهم وأئمتهم، فإنه إن كان ذكيا فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقدا لهذا باطنا وظاهرًا فهو أكفر من النصارى، فمن لم يكفر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلا كان عن تكفير النصارى بالتثليث، والاتحاد أبعد، والله أعلم‏.