المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : البدع وما يتصل بالأموات والقبور
السؤال :
إذا كان التَّنبيهُ على البدعة المتأصِّلة سيُحدِثُ فتنةً؛ فهل السكوتُ عليها أولى؟ أم يجب التّنبيه ويحدث ما يحدُثُ؟
الجواب :
حسبَ الظُّروف، إذا كان يترتَّبُ مضرَّةٌ أكثر من المصلحة؛ فهنا ارتكاب أخفِّ الضَّررين لدفع أعلاهما هو الأنسب، لكن لا تسكت عن البيان والدَّعوة إلى الله بالموعظة الحسنة وتعليم الناس شيئًا فشيئًا؛ فالله يقول جلَّ وعلا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16.]؛ فإذا كان مثلاً إظهارُ الإنكار يُحدِثُ مفسدة أكبر؛ فنحن لا نُظهِر الإنكار أوَّل مرة، ولكن نعلِّمُ الناس، ونخبرُ ونبيِّنُ، ونبصِّرُ الناس حتى يترُكوا هذا الشيء من أنفسهم، والله جلَّ وعلا يقول: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125.]؛ فالجاهل يُبدأ معه بالحكمة واللين، وإذا رأينا منه بعض النُّفور؛ يوعَظُ ويُخوَّفُ بالله عز وجل، وإذا رأينا منه أنَّه لا يقبل الحقَّ ويريد أن يدافع الحقَّ بالقوَّة؛ فإنَّه يقابل بالقوَّة عند ذلك. فالحاصل أنَّ القاعدة الشرعيَّة أنَّه يجوز ارتكاب أخفّ الضَّررين لتفادي أعلاهما، كذلك درءُ المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح. ولكن هذا شيء مؤقَّتٌ؛ فنحن نتعامل مع هؤلاء الذين اعتادوا على هذا الشيء وأصرُّوا عليه، نتعامل معهم بالرِّفق واللِّين، ونبيِّن لهم أنَّ هذا خطأ لا يجوز، ومع كثرة التَّذكير والتَّكرار؛ فإن الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء؛ فربَّما يتأثَّرون بالموعظة والتَّذكير، ويتركون هذا الشيء من أنفسهم؛ فنحن نتَّبِعُ الطُّرق الكفيلة لإنجاح المهمَّة، ونستعمل الحكمة في موضعها، والموعظة في موضعها، ونستعمل الشِّدَّة في موضعها، وهكذا يكون الدّاعية إلى الله عز وجل؛ فلكلِّ مقام مقال.
|
|