المصدر : فتاوى ابن عثيمين
موضوع الفتوى : أهل السنة والجماعة

السؤال :

وسئل جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً عن المراد بالوسط في الدين ؟

الجواب :

 الوسط في الدين أن لا يغلو الإنسان فيه فيتجاوز ما حد الله عز وجل ولا يقصر فيه فينقص عما حد الله سبحانه وتعالى .
الوسط في الدين أن يتمسك بسيرة النبي  صلى الله عليه وسلم والغلو في الدين أن يتجاوزها، والتقصير أن لا يبلغها .
مثال ذلك: رجل قال أنا أريد أن أقوم الليل ولا أنام كل الدهر، لأن الصلاة من أفضل العبادات فأحب أن أحيي الليل كله صلاة فنقول : هذا غال في دين الله وليس على حق، وقد وقع في عهد النبي  صلى الله عليه وسلم مثل هذا، اجتمع نفر فقال بعضهم : أنا أقوم ولا أنام، وقال  الآخر : أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثالث : أنا لا أتزوج النساء، فبلغ ذلك النبي  صلى الله عليه وسلم فقال، عليه الصلاة والسلام : " ما بال أقوامٍ يقول :ون كذا وكذا ؟ أنا أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني " فهؤلاء غلوا في الدين وتبرأ منهم الرسول  صلى الله عليه وسلم لأنهم رغبوا عن سنته  صلى الله عليه وسلم التي فيها صوم وإفطار، وقيام ونوم، وتزوج نساء .
أما المقصر : فهو الذي يقول : : لا حاجة لي بالتطوع فأنا لا أتطوع وآتي بالفريضة فقط، وربما أيضاً يقصر في الفرائض فهذا مقصر .
والمعتدل:هو الذي يتمشى على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون .
مثال آخر : ثلاثة رجال أمامهم رجل فاسق، أحدهم قال : أنا لا أسلم على هذا الفاسق وأهجره وأبتعد عنه ولا أكلمه .
والثاني يقول : : أنا أمشي مع هذا الفاسق وأسلم عليه وأبش في وجهه وأدعوه عندي وأجيب دعوته وليس عندي إلا كرجل صالح .
والثالث يقول : : هذا الفاسق أكرهه لفسقه وأحبه لإيمانه ولا أهجره إلا حيث يكون الهجر سبباً لإصلاحه، فإن لم يكن الهجر سبباً لإصلاحه بل كان سبباً لازدياده في فسقه فأنا لا أهجره .
فنقول : الأول مفرط غالٍ - من الغلو- والثاني مفرط مقصر والثالث متوسط .
وهكذا نقول في سائر العبادات ومعاملات الخلق الناس فيها بين مقصر وغال ومتوسط .
ومثال ثالث : رجل كان أسيراً لامرأته توجهه حيث شاءت لا يردها عن إثم ولا يحثها على فضيلة، قد ملكت عقله وصارت هي القوّامة عليه .
ورجل آخر عنده تعسف وتكبر وترفع على امرأته لا يبالي بها وكأنها عنده أقل من الخادم .
ورجل ثالث وسط يعاملها كما أمر الله ورسوله : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } (1) "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر " . فهذا الأخير متوسط والأول غالٍ في معاملة زوجته، والثاني مقصر . وقس على هذه بقية الأعمال والعبادات .


(1) سورة البقرة، الآية " 228 " .






أتى هذا المقال من شبكة الفرقان السلفية
http://www.elforqane.net

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.elforqane.net/fatawa-158.html