المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : فيما يخص المصطفى صلى الله عليه وسلم
السؤال :
هل كان الإسراء والمعراج بالجسم؟ فإن كان بالجسم؛ فهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه تبارك وتعالى بالعين؟ وهل يكفرُ من ينكر الإسراء والمعراج بالجسم، ويدَّعي عدم رؤيته صلى الله عليه وسلم لله تبارك وتعالى بالعين المجرَّدة؟
الجواب :
الإسراء والمعراج كانا بالجسم والروح معًا، هذا قول الجمهور من أهل العلم، وذلك لقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1.]، والعبد اسم للروح والجسم، وليس اسمًا للرُّوح فقط، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الإسراء والمعراج (27)؛ أنه جاءه جبريل بدابَّة اسمها البُراق، وأركبه عليها، وذهب إلى بيت المقدس، وصلى بالأنبياء هنا... كل هذا يعطي أنه بالجسم والرُّوح معًا، وهذا قول الجماهير من أهل العلم، ولم يخالفهم فيه إلا طائفة يسيرة. وأما هل رأى ربَّه ليلة المعراج بعينه؛ فالجمهور على أنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه رآه بعينه، ولكن الصحيح الأول، وأنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه، ولما سُئِل صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ قيل: هل رأيت ربَّك؟ قال: (نورٌ أنّى أراهُ) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/161) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.]. وأما من أنكر الإسراء بالجسم؛ فهو لا يكفر؛ لأنه قال به بعض السَّلف؛ قالوا: إنَّ الإسراء بالرُّوح فقط، يقظة لا منامًا. وإن كان هذا القول مرجوحًا وضعيفًا، لكن من أخذ به؛ فإنه يكون مُخطئًا، ولا يكفر بذلك. وكذلك من أنكر رؤية النبي لربِّه لا يكفر من باب أولى؛ لأن الصحيح - كما ذكرنا - أنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه. وأما رؤية الله جل وعلا بالأبصار؛ فهي ثابتة للمؤمنين في الدَّار الآخرة، متواترة فيها النُّصوص في القرآن والسّنَّة، وإجماع أهل السُّنَّة على أنّ المؤمنين يرون ربَّهم يوم القيامة رؤية حقيقة، أما في الدنيا؛ فلم يثبت أن أحدًا رآه جل وعلا.
|
|