المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : الردة والجاهلية
السؤال :
يُلاحظ على بعض طلبة العلم التَّساهل في إطلاق لفظ (الرِّدَّة) على المسلم، بل قد يطالبون المسلمون بانتداب من يرون لإقامة حدِّ الرِّدَّة في المحكوم بردَّته عندهم إذا لم يقم بها السُّلطان؟
الجواب :
إقامة الحدود من صلاحيَّات سلطان المسلمين، وليس لكل أحد أن يقيم الحدَّ؛ لأنَّ هذا يلزم منه الفوضى والفساد، ويلزم منه تفكُّكُ المجتمع، وحدوث الثارات، وحدوث الفتن؛ فالحدود من صلاحيَّات السُّلطان المسلم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تعافَوا الحدود فيما بينكم، فإذا بلغت الحدود السلطان؛ فلعنَ الله الشّافعَ والمشفِع) [انظر الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/259) من حديث الزبير، وانظر: "المستدرك" للحاكم (4/383) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وانظر: "سنن أبي داود" (4/131) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وانظر: "سنن النسائي" (8/70) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.]. ومن وظائف السلطان في الإسلام ومن صلاحياته إقامة الحدود بعدما تثبت شرعًا لدى المحاكم الشرعيَّة على من وقع في جريمة رتَّب الشارعُ عليها حدًّا؛ كحدِّ الرِّدَّة، وحدّ السرقة... إلخ. فالحاصل أن إقامة الحدود من صلاحيات السلطان، وإذا لم يكن هناك في المسلمين سلطان؛ فإنه يُكتفى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوى إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولا يجوز للأفراد أن تقيم الحدود؛ لأن هذا - كما ذكرنا - يلزم منه الفوضى ويلزم منه حدوث الثَّارات والفتن، وفيه مفسدة أعظم مما فيه من المصلحة، ومن القواعد الشرعيّة المسلَّم بها أنَّ درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح.
|
|