المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : بر الوالدين والطاعة
السؤال :
إذا أرضى إنسان رجلاً ذا قوَّة وجاه بمشاركته في معصية لله تعالى، ولم يكن ذلك الإرضاء إلا لقصد الحصول على متعة خاصَّة، أو دفع مضرَّة دنيويَّة؛ فهل يُعتَبَرُ ذلك من اتِّخاذ الأنداد من دون الله؟
الجواب :
الواجب على الإنسان أن يُطيعَ الله سبحانه، ويلتمس رضاه، ولو سخط عليه الناس؛ فإن الله سبحانه سيرضى عنه ويرضي عنه الناس؛ كما في الحديث: (من التمسَ رضى الله بسخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمسَ رضى الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) [رواه الترمذي في "سننه" (7/132-133) من حديث عائشة رضي الله عنها.]، والله تعالى يقول: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} [التوبة: 13.]. فالواجب على المؤمن أن يُطيع الله، ويجتنب معصيته، ويصبر على ما ينالُهُ من الأذى، وإلا؛ كان من الذين قال الله فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10.]. قال العلامة ابن القيِّم: "أخبر عن حال الدَّاخل في الإيمان بلا بصيرة؛ أنه إذا أوذي في الله؛ جعل فتنة الناس له - وهي أذاهم، ونيلُهم منه بالمكروه، وهو الألم الذي لابدَّ أن ينال الرُّسل وأتباعهم ممَّن خالفهم -؛ جعل ذلك في فراره منه وتركه السَّبب الذي يناله به كعذاب الله الذي فر منه المؤمنون بالإيمان؛ فالمؤمنون - لكما بصيرتهم - فرُّوا من ألم عذاب الله إلى الإيمان، وتحمَّلوا ما فيه من الألم الزائل المفارق عن قريب، وهذا - لضعف بصيرته - فرَّ من ألم أعداء الرُّسل إلى موافقتهم، ففرَّ من ألم عذابهم إلى عذاب الله، فجعل ألم فتنة الناس بمنزلة ألم عذاب الله، وغُبِنَ كُلَّ الغَبْنِ إذ استجار من الرَّمضاء بالنَّار، وفرَّ من ألم ساعة إلى ألم الأبد" انتهى. وهذا أيضًا بكونه قدَّم خشية الناس على خشية الله قد اتّخذهم أندادًا من دون الله بقدر ما قام بقلبه من ذلك، والله المستعان.
|
|