المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : الهجر وقطيعة الرحم
السؤال :
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاهُ فوق ثلاث ليالٍ؛ يلتقيان، فيُعرِضُ هذا، ويُعرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسَّلام) [رواه البخاري في "صحيحه" (7/90، 91) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ: (لا يحل لمسلم...).]، أو كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فإذا كان هذا الشخص الذي خاصمته لا يصلي ولا يصوم ويفعل المنكرات؛ فهل يعتبر خصامي له حرامًا؟ أم ما هو المقصود من هذا الحديث؟
الجواب :
الهجر هو ترك مكالمة الشخص وترك مجالسته والسلام عليه. هجر المؤمن لا يجوز فوق ثلاثة أيام إذا كان على أمر من أمور الدنيا، بل عليه أن يصالح أخاه وأن يُسلِّم عليه إذا لقيه، ومع أنه لا ينبغي ابتداءًا أن يهجر على أمر من أمور الدنيا، ولكن لو حصل شيء من الهجر؛ فإنه لا يتجاوز ثلاثة أيام، وهذا هو المراد بالحديث: (لا يَحِلُّ لمؤمن أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاث)؛ يعني إذا كان الهجر على أمر من أمور الدنيا. أما إذا كان الهجر لأجل معصية ارتكبها ذلك المهجور، وكانت هذه المعصية من كبائر الذنوب، ولم يتركها؛ فإنه يجب مناصحته وتخويفه بالله عز وجل، وإذا لم يمتنع عن فعل المعصية ولم يتب؛ فإنه يُهجَر؛ لأن في الهجر تعزيرًا له وردعًا له لعله يتوب؛ إلا إذا كان في هجره محذورًا؛ بأن يُخشى أن يزيدَ في المعصية وأن يترتب على الهجر مفسدة أكبر؛ فإنه لا يجوز هجره في هذه الحالة؛ فهجر العاصي إنما يجوز إذا كان من ورائه مصلحة ولا يترتب عليه مضرة أكبر، وبالله التوفيق.
|
|