المصدر : مجموع فتاوى ابن تيمية
موضوع الفتوى : العقيدة الكتاب : كتاب توحيد الألوهية
السؤال :
فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة
الجواب :
ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة. ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء، أبرارًا كانوا أو فجارًا، ويحافظون على الجماعات. ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا)، وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا). ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخُيَلاء والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالى الأخلاق، وينهون عن سفسافها وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة. وطريقتهم هي دين الإسلام، الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم، لكن لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ، صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، أولو المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الأبدال الأئمة الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم.وهم الطائفة المنصورة، الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة). فنسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ويهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
|
|