المصدر : مجموع فتاوى ابن تيمية
موضوع الفتوى : العقيدة الكتاب : كتاب توحيد الألوهية
السؤال :
فصل معترض في نفي الشيخ أن يكون قد طلب النظر في المحاضر
الجواب :
ذكرت في ورقتك أنك قلت للشيخ في نفسي أن تطلب لي المحاضر حتى ينظر هو فيها، فإن كان له دافع وإلا فالجماعة كلهم معذورون وهذا مما لا حاجة إليه أصلاً، وهذه المحاضر أقل وأحقر من أن يحتاج الرد عليها إلى حضرتها؛ فإني قد بينت ببضع وعشرين وجهًا أن هذا الحكم خارج عن شريعة الإسلام بإجماع المسلمين المذاهب الأربعة وسائر أئمة الدين. وقلت للرسول: ما لابن مخلوف ونحوه في أن يتعرض إلى علم الدين الذي غيره أعلم به منه مثل تفسير القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومقالات السلف وأصول الدين التي لا يعرفها وهذه الأمور إنما يرجع فيها إلى من يعرفها فإن كان السلطان أو نائبه الحاكم يعرفها كان في ذلك كسائر العارفين بها، وإلا فلا أمر لهم فيها كما لا يراجع في الاستفتاء إلا من يحسن الفتيا، وقلت له: أنا لم يصدر مني قط إلا جواب مسائل وإفتاء مستفت، ما كاتبت أحدًا أبدًا ولا خاطبته في شيء من هذا، بل يجيئني الرجل المسترشد المستفتي بما أنزل الله على رسوله فيسألني ـ مع بعده وهو محترق على طلب الهدى ـ أفيسعني في ديني أن أكتمه العلم؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. أفعلى أمرك أمتنع عن جواب المسترشد لأكون كذلك؟ وهل يأمرني بهذا السلطان أو غيره من المسلمين؟ ولكن أنتم ما كان مقصودكم إلا دفع أمر الملك لما بلغكم من الأكاذيب؟ فقال: يا مولانا دع أمر الملك أحد ما يتكلم في الملك، فقلت: إيه الساعة ما بقي أحد يتكلم في الملك! وهل قامت هذه الفتنة إلا لأجل ذلك؟ ونحن سمعنا بهذا ونحن بالشام أن المثير لها تهمة الملك لكن ما اعتقدنا أن أحدا يصدق هذا وذكرت له أن هذه القصة ليس ضررها علي، فإني أنا من أي شيء أخاف؟ إن قتلت كنت من أفضل الشهداء، وكان ذلك سعادة في حقي يترضى بها علي إلى يوم القيامة، ويلعن الساعي في ذلك إلى يوم القيامة، فإن جميع أمة محمد يعلموني أني أقتل على الحق الذي بعث الله به رسوله؛ وإن حبست فوالله إن حبسي لمن أعظم نعم الله علي وليس لي ما أخاف الناس عليه لا مدرسة ولا أقطاع ولا مال ولا رئاسة ولا شيء من الأشياء. ولكن هذه القصة ضررها يعود عليكم فإن الذين سعوا فيها من الشام أنا أعلم أن قصدهم فيها كيدكم وفساد ملتكم ودولتكم وقد ذهب بعضهم إلى بلاد التتر وبعضهم مقيم هناك فهم الذين فصدوا فساد دينكم ودنياكم وجعلوني إماما بالتستر لعلمهم بأني أواليكم وأنصح لكم وأريد لكم خير الدنيا والآخرة. والقضية لها أسرار كلما جاءت تنكشف، وإلا فأنا لم يكن بيني وبين أحد بمصر عداوة ولا بغضا وما زلت محبا لهم مواليهم أمرائهم ومشائخهم وقضاتهم. فقال لي: فما الذي أقوله لنائب السلطان؟ فقلت: سلم عليه وبلغه كلما سمعت، فقال: هذا كثير، فقلت: ملخصه أن الذي في هذا الدرج أكثره كذب وأما هذه الكلمة [استوى]. حقيقة فهذه قد ذكر غير واحد من علماء الطوائف المالكية وغير المالكية أنه أجمع عليها أهل السنة والجماعة وما أنكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا أئمتها بل ما علمت عالما أنكر ذلك فكيف أترك ما أجمع عليه أهل السنة ولم ينكره أحد من العلماء. وأشرت بذلك إلى أمور منها ما ذكره الإمام أبو عمر الطلمنكي وهو أحد أئمة المالكية قبل الباجي وابن عبدالبر وهذه الطبقة قال: وأجمع المسلمون من أهل السنة أن معنى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ} [الحديد:4]. ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء. وقال أيضًا: قال أهل السنة في قول الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].إن الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز. وقال أبو عبدالله القرطبي صاحب التفسير المشهور في قوله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:3]. قال: هذه مسألة الاستواء للعلماء فيها كلام وأجزاء وقد بينا أقوال العلماء فيها في كتاب [الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى]. وذكرنا فيها أربعة عشر قولاً، إلى أن قال: وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق به كتابه وأخبرت رسله، قال: ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته ـ كما قال مالك ـ: الاستواء معلوم ـ يعني في اللغة ـ والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة، وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها، وقال هذا الشيخ المشهور بمصر وغيرها في كتاب شرح الأسماء. قال وذكر الإمام أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني الذي له الرسالة التي سماها [برسالة الإسماء إلى مسألة الاستواء]. لما ذكر اختلاف المتأخرين في الاستواء قول الطبري ـ يعني أبا جعفر صاحب التفسير الكبير ـ وأبي محمد بن أبي زيد، والقاضي عبدالوهاب، وجماعة من شيوخ الحديث والفقه قال: وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر، وأبي الحسن يعني الأشعري، وحكاه عنه ـ يعني القاضي أبا بكر ـ القاضي عبدالوهاب أيضا، وهو أنه سبحانه مستو على العرش بذاته وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه، قال الإمام أبو بكر: [وهو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تمكن في مكان ولا كون فيه ولا مماسة]. قال الشيخ أبو عبدالله: هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب [تمهيد الأوائل]. له. وقاله الأستاذ أبو بكر بن فورك في [شرح أوائل الأدلة]. له وهو قول أبي عمر بن عبدالبر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين وقول الخطابي في شعار الدين، ثم قال بعد أن حكى أربعة عشر قولا: [وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا مذهب السلف الصالح فيما نقله عنهم الثقات]. هذا كله لفظه. وقال الشيخ أبو نصر السجزي في كتاب [الإبانة]. له: [وأئمتنا سفيان الثوري ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وعبدالله بن المبارك وفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش؛ وأن علمه بكل مكان؛ وأنه يرى يوم القيامة بالأبصار فوق العرش؛ وأنه ينزل إلى سماء الدنيا؛ وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء؛ فمن خالف شيئًا من ذلك فهو منهم برىء وهم منه براء]. وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب [التمهيد]. في شرح الموطأ وهو أجل ما صنف فيه فنه لما تكلم على حديث النزول قال: هذا حديث ثابت من جهة النقل؛ صحيح الإسناد؛ لا يختلف أهل الحديث في صحته، وهو حديث منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم إن الله بكل مكان وليس على العرش، قال في الدليل على صحة ما قاله أهل الحق قول الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]. وقال: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج 4]. وقال لعيسى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [ال عمران: 55].، وذكر آيات إلى أن قال: وهذا أشهر عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد ولا خالفهم فيه مسلم، وبسط الكلام في ذلك إلى أن قال: وأما احتجاجهم بقوله تعالى {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7]. فلا حجة لهم في ظاهر الآية لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل هذه الآية هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله. وذكر عن الضحاك بن زاحم أنه قال في قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ} [المجادلة:7].قال: هو على عرشه وعلمه معهم أينما كانوا، وعن سفيان الثوري مثل ذلك، وعن ابن مسعود قال: الله فوق العرش ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم. قال أبو عمر بن عبد البر: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم عند من أقر بها نافون للمعبود والحق فيها ما قال القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة، وقال أبو عمر: الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها الإيمان بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها والتصديق بذلك وترك التحديد والكيفية في شيء منه. وقال الشيخ العارف أبو محمد عبدالقادر بن أبي صالح الكيلاني في كتاب [الغنية]. له: أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد واحد..إلى أن قال: وهو بجهة العلو؛ مستو على العرش؛ محتو على الملك؛ محيط علمه بالأشياء. قال: ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. وذكر الآيات والأحاديث..إلى أن قال: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش. قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على نبي أرسل بلا كيف وذكر كلامًا طويلاً. وقال الإمام أبو الحسن الكرخي الشافعي في مقدمته المشهورة في اعتقاد أهل السنة وهي منقولة من خط الشيخ أبي عمرو بن الصلاح: عقيدتهم أن الإله بذاته ** على عرشه مع علمه بالغوائب وهذه الآثار لم أذكرها كلها للرسول لكن هي مما أشرت إليه بقولي: إني لم أقل شيئًا من نفسي وإنما قلت ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، وهذا الموضع يضيق بما في ذلك من كلام الأمة فقال لي: نعم هو مستو على العرش حقيقة بذاته بلا تكييف ولا تشبيه، قلت: نعم وهذا هو في العقيدة، فقال: فاكتب هذه الساعة أو قال اكتب هذا أو نحو هذا، فقلت: هذا هو مكتوب بهذا اللفظ في العقيدة التي عندكم التي بحثت بدمشق واتفق عليها المسلمون فأي شيء هو الذي أريده؟ وقلت له: أنا قد أحضرت أكثر من خمسين كتابا من كتب أهل الحديث والتصوف والمتكلين والفقهاء الأربعة الحنيفة والمالكية والشافعية والحنبلية وتوافق ما قلت؛ وقلت أنا أمهل من خالفني ثلاث سنين أن يجيء بحرف واحد عن أئمة الإسلام يخالف ما قلته فما الذي أصنعه. فلما خرج الطيبرسي والفتاح عاد الفتاح بعد ساعة فقال: يسلم عليك نائب السلطان؛ وقال: فاكتب لنا الآن عقيدة بخطك، فقلت: سلم على نائب السلطان؛ وقل له: لو كتبت الساعة شيئًا لقال القائل قد زاد ونقص أو غير الاعتقاد، وهكذا بدمشق لما طلبوا الاعتقاد لم اتهم إلا بشيء قد كتب متقدمًا. قلت: وهذا الاعتقاد هو الذي قرىء بالشام في المجالس الثلاثة، وقد أرسله إليكم نائبكم مع البريد، والجميع عندكم، ثم أرسل لكم مع العمري ثانيا لما جاء الكتاب الثاني ما قاله القضاة والعلماء والمحضر وكتاب البخاري الذي قرأه المزي، والاعتقاد ليس هو شيئًا ابتدئه من عندي حتى يكون كل يوم لي اعتقاد، وهو ذلك الاعتقاد بعينه؛ والنسخة بعينها، فانظروا فيها فراح. ثم عاد وطلب أن أكتب بخطي أي شيء كان. فقلت: فما الذي أكتبه؟ قال: مثل العفو، وألا تتعرض لأحد. فقلت: نعم هذا أنا مجيب إليه، ليس غرضي في إيذاء أحد ولا الانتقام منه ولا مؤاخذته، وأنا عاف عمن ظلمني. وأردت أن أكتب هذا ثم قلت: مثل هذا ما جرت العادة بكتابته؛ فإن عفو الإنسان عن حقه لا يحتاج إلى هذا. وتعلم أن الأمر لما جرى على هذا الوجه كاد بعض القلوب يتغير على الشيخ، وظنوا أن هذا الدرج قد أقر به؛ وأن ذلك يناقض ما كان يقوله ويرسل به. فجعلت أنا وأخي ندفع ذلك ونقول: هذا من فعل ابن مخلوف؛ وقد تحققت أنا أن ذلك من عمل ابن مخلوف. ويعرف الشيخ أن مثل هذه القضية التي قد اشتهرت وانتشرت لا تندفع على هذا الوجه فأنا أبذل غاية ما وسعني من الإحسان، وترك الانتقام، وتأليف القلوب؛ لكن هو يعرف خلقا كثيرا ممن بالديار المصرية؛ وأن الإنسان لا ينجو من شرهم وظلمهم إلا بأخذ طريقين: أحدهما مستقر، والآخر متقلب. الأول: أن يكون له من الله تأييد وسلطان، والتجاء إليه، واستعانة به، وتوكل عليه، واستغفار له، وطاعة له، يدفع به عنه شر شياطين الإنس والجن. وهذه الطريقة هي الثابتة الباقية. والطريق الثاني: إن جاء من ذي جاه، فإنهم يراعون ذا الجاه ما دام جاهه قائما؛ فإذا انقلب جاهه كانوا من أعظم الناس قياما عليه هم بأعيانهم؛ حتى أنهم قد يضربون القاضي بالمقارع ونحو ذلك مما لا يكاد يعرف لغيرهم، أعداءه ومبغضون كثيرون، وقد دخل في إثباتات وأملاك وغير ذلك تعلقة بالدولة وغير الدولة. فلو حصل من ذوي الجاه من له غرض في نقض أحكامه ونقل الأملاك كان ذلك من أيسر الأمور عليه: إما أن يكتب ردته؛ وأحكام المرتد لا تنفذ، لأنه قد علم منه الخاص والعام أنه جعل ما فعل في هذه القضية شرع محمد بن عبدالله، والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه؛ أو حرم الحلال المجمع عليه؛ أو بدل الشرع المجمع عليه؛ كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء. وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]. أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله. ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: [الشرع المنزل]. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته. والثاني [الشرع المؤول]. وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه. والثالث [الشرع المبدل]. وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها؛ والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع، كمن قال إن الدم والميتة حلال ـ ولو قال هذا مذهبي ونحو ذلك. فلو كان الذي حكم به ابن مخلوف هو مذهب مالك أو الأشعري لم يكن له أن يلزم جميع الناس به، ويعاقب من لم يوافقه عليه باتفاق الأمة، فكيف والقول الذي يقوله ويلزم به هو خلاف نص مالك وأئمة أصحابه؛ وخلاف نص الأشعري وأئمة أصحابه كالقاضي أبي بكر وأبي الحسن الطبري وأبي بكر بن فورك وأبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي؟ وغير هؤلاء كلهم مصرحون بمثل ما قلناه وبنقيض ما قاله. ولهذا اصطلحت الحنبلية والأشعرية واتفق الناس كلهم. ولما رأى الحنبلية كلام أبي الحسن الأشعري قالوا: هذا خير من كلام الشيخ الموفق، وزال ما كان في القلوب من الأضغان، وصار الفقهاء من الشافعية وغيرهم يقولون: الحمد لله على اتفاق كلمة المسلمين. ثم لو فرض أن هذا الذي حكم فيه مما يسوغ فيه الاجتهاد: لم يكن له أن ينقض حكم غيره فكيف إذا نقض حكم حكام الشام جميعهم بلا شبهة؟ بل بما يخالف دين المسلمين بإجماع المسلمين. ولو زعم زاعم أن حكام الشام مكرهون ففيهم من يصرح بعدم الإكراه غير واحد، وهؤلاء بمصر كانوا أظهر إكراها لما اشتهر عند الناس أنه فعل ذلك لأجل غرض الدولة المتعلق بالملك، وأنه لولا ذلك لتكلم الحكام بأشياء، وهذا ثابت عن حكام مصر. فكيف وهذا الحكم الذي حكم به مخالف لشريعة الإسلام من بضعة وعشرين وجها؟ وعامتها بإجماع المسلمين. والوجوه مكتوبة مع الشرف محمد فينبغي أن يعرف الشيخ [نصر]. بحقيقة الأمر وباطن القضية ليطبها بتدبيره. فأنا ليس مرادي إلا في طاعة الله ورسوله وما يخاف على المصريين إلا من بعضهم في بعض كما جرت به العادة. وقد سمعتم ما جرى بدمشق ـ مع أن أولئك أقرب إلى الاتفاق من تجديد القاضي المذكور إسلامه عند القاضي الآخر وأنا لما كنت هناك كان هذا الآذن [يحيى الحنفي]. فذهب إلى القاضي تقي الدين الحنبلي وجدد إسلامه وحكم بحقن دمه لما قام عليه بعض أصحابهم في أشياء. وكان من مدة لما كان القاضي حسام الدين الحنفي مباشرا لقضاء الشام أراد أن يحلق لحية هذا الأذرعي، وأحضر الموسى، والحمار ليركبه ويطوف به، فجاء أخوه عرفني ذلك، فقمت إليه ولم أزل به حتى كف عن ذلك، وجرت أمور لم أزل فيها محسنا إليهم؛ وهذه الأمور ليست من فعلي ولا فعل أمثالي نحن إنما ندخل فيما يحبه الله ورسوله والمؤمنون ليس لنا غرض مع أحد، بل نجزي بالسيئة الحسنة، ونعفو ونغفر. وهذه القضية قد انتشرت، وظهر ما فعل فيها وعلمه الخاص والعام، فلو تغيرت الأحوال حتى جاء أمير أو وزير له في نقل ملك قد أثبته أو حكم به لكان هذا عند المصريين من أسهل ما يكون فيثبتون ردته والمرتد أحكامه مردودة باتفاق العلماء، ويعود ضرره على الذين أعانوه ونصروه بالباطل من أهل الدولة وغيرهم، وهذا أمر كبير لا ينبغي إهماله فالشيخ خبير يعرف عواقب الأمور. وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها وإقامة كل خير، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين، ولو كنت خارجا لكنت أعلم بماذا أعاونه؛ لكن هذه مسألة قد فعلوها زورا والله يختار للمسلمين جميعهم ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم. ولن ينقطع الدور وتزول الحيرة إلا بالإنابة إلى الله؛ والاستغفار؛ والتوبة؛ وصدق الالتجاء فإنه سبحانه لا ملجأ منه إلا إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما ما ذكرت عن الشيخ [نصر]. أنه قال: كنت أوثر أن لا يحسوا به، إلا وقد خرج خشية أن يعلم فلان وفلان فيطلعوا ويتكلموا فتكثر الغوغاء والكلام! فعرفه: أن كل من قال حقا فأنا أحق من سمع الحق والتزمه وقبله، سواء كان حلوا أو مرا، وأنا أحق أن يتوب من ذنوبه التي صدرت منه، بل وأحق بالعقوبة إذا كنت أضل المسلمين عن دينهم. وقد قلت فيما مضى: ما ينبغي لأحد أن يحمله تحننه لشخص وموالاته له على أن يتعصب معه بالباطل ،أو يعطل لأجله حدود الله تعالى، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره). وهذا الذي يخافه من قيام العدو ونحوه في المحضر الذي قدم به من الشام إلى ابن مخلوف فيما يتعلق بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم إن أظهروه وكان وباله عليهم، ودل على أنهم مشركون، لا يفرقون بين دين المسلمين ودين النصارى. فإن المسلمين متفقون على ما علموه بالاضطرار من دين الإسلام أن العبد لا يجوز له أن يعبد، ولا يدعو ولا يستغيث، ولا يتوكل إلا على الله، وأن من عبد ملكا مقربا أو نبيا مرسلا أو دعاه أو استغاث به فهو مشرك، فلا يجوز عند أحد من المسلمين أن يقول القائل يا جبرائيل أو يا ميكائيل أو يا إبراهيم أو يا موسى أو يا رسول الله اغفر لي أو ارحمني أو ارزقني أو انصرني أو أغثني أو أجرني من عدوي أو نحو ذلك، بل هذا كله من خصائص الإلهية، وهذه مسائل شريفة معروفة قد بينها العلماء وذكروا الفرق بين حقوق الله التي يختص بها الرسل والحقوق التي له ولرسله كما يميز سبحانه بين ذلك في مثل قوله: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح: 9]. فالتعزير والتوقير للرسول والتسبيح بكرة وأصيلا لله. وكما قال:{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52]. فالطاعة لله ولرسوله، والخشية والتقوى لله وحده. وكما يقول المرسلون: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: 3]. فيجعلون العبادة والتقوى لله وحده، ويجعلون لهم الطاعة قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 18 ـ22]. وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [الشعراء:213].، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22، 23].وقال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]. وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56، 57]. وقال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31]. وقال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 79، 80]. فمن اتخذ الملائكة والنبيين أربابًا فقد كفر بعد إسلامه باتفاق المسلمين. ولأجل هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، وعن أن يجعل لله ندًا في خصائص الربوبية، ففي الصحيحين عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما فعلوا وفي الصحيح عنه أنه قال: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وفي السنن عنه أنه قال: (لا تتخذوا قبري عيدًا) وروي عنه أنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد)، وقال له رجل: ما شاء الله وشئت فقال: (أجعلتني لله ندا! قل ما شاء الله وحده). ولهذا قال العلماء من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يستلمه ولا يقبله، ولا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق الذي يستلم ويقبل منه الركن الأسود؛ ويستلم الركن اليماني ولهذا اتفق العلماء على أنه لا يشرع تقبيل شيء من الأحجار ولا استلامه إلا الركنان اليمانيان، حتى مقام إبراهيم الذي بمكة لا يقبل ولا يتمسح به فكيف بما سواه من المقامات والمشاهد!! وأنت لما ذكرت في ذلك اليوم هذا قلت لك: هذا من أصول الإسلام، فإذا كان القاضي لا يفرق بين دين الإسلام ودين النصارى الذين يدعون المسيح وأمه فكيف أصنع أنا؟. ولكن من يتخذ نفيسة ربا، ويقول: أنها تجبر الخائف؛ وتغيث الملهوف؛ وأنا في حسبها، ويسجد لها، ويتضرع في دعائها مثل ما يتضرع في دعاء رب الأرض والسموات، ويتوكل على حي قد مات ولا يتوكل على الحق الذي لا يموت، فلا ريب أن إشراكه بمن هو أفضل منها يكون أقوى قال تعالى: {قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 88، 89]. وحديث معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا معاذ. فقال: رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم، ويذكرون ذلك عن أنبيائهم. فقال: يا معاذ أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له. قال: لا. قال: فلا تسجد لي، فلو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين كيف ينهى عما هو أقل منه؟ ومن دعى رجلا أو امرأة من دون الله فهو مضاه لمن اتخذ المسيح وأمه إلهين من دون الله. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبدالله ورسوله). بل من سوغ أن يدعى المخلوق، ومنع من دعاء الخالق الذي فيه تحقيق صمديته وإلهيته فقد ناقض الإسلام في النفي والإثبات: وهو شهادة أن لا إله إلا الله. وأما حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي ـ مثل تقديم محبته على النفس والأهل والمال، وتعزيره وتوقيره، وإجلاله وطاعته، واتباع سنته وغير ذلك فعظيمة جدًا وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول: (اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في) فهذا التوسل به حسن. وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين، المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه، وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه. والله هو رب العالمين، ومالك الملك، وخالق كل شيء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وهو القريب الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وهو سميع الدعاء سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرًا. وأنا قد صنفت كتابا كبيرًا سميته [الصارم المسلول على شاتم الرسول]. وذكرت في هذه المسألة ما لم أعرف احدا سبق إليه، وكذلك هذه القواعد الإيمانية قد كتبت فيها فصولا هي من أنفع الأشياء في أمر الدين. ومما ينبغي أن يعرف به الشيخ أني أخاف أن القضية تخرج عن أمره بالكلية ويكون فيها ما فيه ضرر عليه وعلى ابن مخلوف ونحوهما، فإنه قد طلب مني ما يجعل سببا لذلك ولم أجب إليه فإني إنما أنا لون واحد، والله ما غششتهما قط، ولو غششتهما كتمت ذلك. وأنا مساعد لهما على كل بر وتقوى. ولا ريب أن الأصل الذي تصلح عليه الأمور رجوع كل شخص إلى الله وتوبته إليه في هذا العشر المبارك، فإذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وهذه قضية كبيرة كلما كانت تزداد ظهورا تزداد انتشارًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا .
|
|