المصدر : فتاوى اللجنة الدائمة
موضوع الفتوى : العقيدة

السؤال :

 كنت في المدينة المنورة فذهبت لزيارة المسجد النبوي الشريف. وعندما وقفت أمام قبره صلى الله عليه وسلم ألقيت عليه السلام ثم قرأت السلام من كتيب صغير مع أحد الواقفين، ولكن ليس فيه -والله أعلم- كلام إشراك بالله والعياذ بالله، ولكنه كلام في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام عليه وعلى آل بيته وأصحابه. وهو الكتاب الأزرق الصغير المتداول في السوق. وعندما كنت أقرأ في الكتيب وجدت نفسي أذرف الدمع; فقد كنت أخلص الثناء والسلام من قلبي، وقد قرأت في أحد الكتب التي لا أذكر اسمها: أنه عند زيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن تقف أمام القبر وتسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام باحترام وبصوت خفيض كأنك تقف بين يديه وهو حي، وسمعت أيضا حديثا معناه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد الله عليه روحه ليرد السلام على كل من يلقي السلام عليه، إلى الآن والأمر كان عاديا بالنسبة لي، ولكني بعد أيام من هذه الزيارة استمعت إلى محاضرة دينية في المسجد النبوي ذكر فيها فضيلة الشيخ أنه في أحد المذاهب يحذر من الوقوع في الخطأ عند زيارة المسجد الشريف لدرجة أنه ينبغي أن يكون ظهرك للقبر ووجهك جهة القبلة.
وحذر بالطبع من رفع اليد بالدعاء أمام القبر وطلب الواسطة من الرسول عليه الصلاة والسلام، وحذر من غيره من الأعمال التي تدخل في نطاق الشرك الأكبر أو الأصغر، وهنا جعلت أعود بذاكرتي إلى يوم الزيارة لأرى ما فعلت خوفا من أن أكون قد وقعت في محظور والعياذ بالله، إلا أن الشيطان يلبس علي ما فعلت فإني لم أفعل أكثر من السلام والثناء على رسولنا صلى الله عليه وسلم وكنت أقف وجانبي الأيسر للقبر وأنظر بين الحين والحين للقبر، وفي نهاية السلام عليه ذرفت عيناي بالدموع ولا أعرف سببا محددا لذلك، هل السبب حال المسلمين من بعده، هل هو حبي له صلى الله عليه وسلم؟ فلقد كانت خواطر كثيرة تعتمل في قلبي وعقلي وأنا أقرأ السلام عليه وأسأل فضيلتكم:
(1) هل فيما فعلت هذا عمل من أعمال الشرك الأكبر والأصغر والعياذ بالله؟
(2) ما هي أعمال الشرك الأكبر وأعمال الشرك الأصغر وأمثلة لكل منها؟
(3) آية في القرآن الكريم يقول فيها المولى عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا صدق الله العظيم، وبعض المفسرين يقول بهذه الآية: إن الله سبحانه وتعالى يغفر كل الذنوب بما فيها الشرك، فهل المقصود هنا الشرك الأصغر أو الأكبر أو كلاهما؟


الجواب :

 أولا: سلامك على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلا قبره مشروع، وما حصل منك من أن عينيك كانتا تذرفان الدموع علامة خير، إذا كان عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم والعاطفة النبيلة نحوه، وكانت الخواطر التي تفاعلت في قلبك غير شركية، بأن كانت عن قيامه صلى الله عليه وسلم بالدعوة وجهاده في سبيل الله وتحمله الأذى في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصره ونحو ذلك من الخواطر التي لا غلو فيها.
أما الدعاء ورفع اليدين فيكون مع استقبال القبلة، ويجب أن يكون لله خالصا ولا يتحرى الدعاء عند القبر.
ثانيا: الشرك الأكبر: هو ما يخرج فاعله من الإسلام -والعياذ بالله- كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأموات مثلا، وكالنذر لغير الله والتقرب بالذبح لغير الله، وكالسجود لغير الله ونحو ذلك.
أما الشرك الأصغر: فهو من أكبر الكبائر، ولكن لا يخرج فاعله من الإسلام، مثل: الرياء الخفيف، والحلف بغير الله، وقول المسلم مخاطبا إنسانا: ما شاء الله وشئت، وتوكلت على الله وعليك.
ثالثا قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم نهي منه لعباده أن ييأسوا رحمته ووعد أكيد منه سبحانه بأنه يغفر الذنوب جميعا صغيرها وكبيرها وما كان شركا لمن تاب منها، فهي عامة في كل ذنب لمن تاب منه، كما قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز





أتى هذا المقال من شبكة الفرقان السلفية
http://www.elforqane.net

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.elforqane.net/fatawa-569.html