المصدر : فتاوى الفوزان
موضوع الفتوى : الجامع في مسائل العقيدة

السؤال :

كفيل يظلِمُني، ويهضم حقوق المادّيّة والمعنويّة، ولا أملك له شيئًا سوى الدُّعاء عليه وبغضه، علمًا بأنه يصلّي وملتزم، لكنّه يقسو على مكفوليه في المعاملة المادّيّة، ونشعر بالظُّلم الشَّديد؛ فهل إن أبغضته أكون ناقص الإيمان‏؟‏


الجواب :

الحقيقة أنّ هذه المسألة يشكو منها كثير من العمَّال، وهي ظلم، ولا يجوز ظلم العمَّال، ولو كانوا غير مسلمين‏.‏
الظُّلم لا يجوز بحال من الأحوال، والله تعالى يقول‏:‏ ‏(‏إني حرّمتُ الظُّلم على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالَموا‏)‏ ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏4/1994‏)‏ من حديث أبي ذر رضي الله عنه‏.‏‏]‏، ويقول صلى الله عليه وسلم لمّا بعثَ معاذًا إلى اليمن؛ قال له‏:‏ ‏(‏واتّق دعوةَ المظلوم؛ فإنّه ليس بينها وبينَ الله حجابٌ‏)‏ ‏[‏رواه الإمام البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏3/99‏)‏ من حديث ابن عباس رضي الله عنه‏.‏‏]‏‏.‏
فلا يجوز الظُّلم بحال من الأحوال، لا مع المسلمين، ولا مع الكفّار‏.‏
والأجير له حقٌّ؛ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أعطوا الأجير أجرته قبل أن يَجِفَّ عَرَقُه‏)‏ ‏[‏رواه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏(‏2/817‏)‏ من حديث عبد الله بن عمر، ورواه البيهقي في ‏"‏السنن الكبرى‏"‏ ‏(‏6/121‏)‏ من حديث أبي هريرة، وانظر‏:‏ ‏"‏مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‏"‏ للهيثمي ‏(‏4/98‏)‏‏.‏‏]‏، وجاء في الحديث‏:‏ ‏(‏ثلاثةٌ أنا خصمُهم يوم القيامة‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ وذكرَ منهم من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يؤدِّ له حقَّه ‏[‏رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏ج3، ص41‏)‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ‏:‏ ‏(‏‏.‏‏.‏‏.‏ ولم يعطه أجره‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏
فلا يجوز الظّلم، فلا يجوز للكفيل أن يستغلّ ضعف هؤلاء العمَّال المساكين، يستغلَّ ضعفَهُم، ويتسلَّط عليهم، ويتجبَّر عليهم، ويهضم حقوقهم، هذا ظلمٌ، هذا والله ظلمٌ لا يجوز، والواجب العدل، والواجب إعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه، والواجب تقوى الله سبحانه وتعالى‏.‏
والظُّلم يوجب العقوبة؛ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏دعوة المظلوم يرفعُها الله فوقَ الغَمامِ، ويقول الله‏:‏ وعزَّتي وجلالي؛ لأنتصرنَّ لكِ، ولو بعد حين‏)‏ ‏[‏رواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ كما في ‏"‏الإحسان‏"‏ ‏(‏ج3 ص158‏)‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏‏]‏، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 42‏.‏‏]‏؛ فالظَّالم نادم، ويقول سبحانه‏:‏ ‏{‏وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 227‏.‏‏]‏؛ الظُّلم لا يجوز لا مع العمَّال ولا مع غيرهم‏.‏ 





أتى هذا المقال من شبكة الفرقان السلفية
http://www.elforqane.net

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.elforqane.net/fatawa-848.html