السؤال :
لي ولد كثيرًا ما يُعلِّق على الناس، وقد حرجته على أن لا يتكلم عن أحد وأن لا يُضحِك إخوانه بتعليق أو غيبة أو تقليد، وأنا حللته بقلبي، وكان قصدي أن أخوفه ويتوب عن ذلك؛ فما حكم التحليل في هذه المسألة وهو الحرج؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الجواب :
لا جوز للإنسان أن يسخر من الناس وأن يغتابهم وأن يهمزهم أو يلمزهم ويتنقصهم ليُضحِك الناس؛ لأنهم لا يرضون بذلك، وهذا من الغيبة، بل هو من أشد الغيبة.
قال الله سبحانه وتعالى: {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12.]، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة بأنها ذِكرُكَ أخاكَ بما يكرهُ في غيبتِهِ، قالوا: يا رسول الله! إذا كان فيه ما تقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقولُ؛ فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول؛ فقد بهتَّهُ) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (4/2001) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.].
وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السخرية بالناس، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11.]؛ يعني لا يلمز بعضكم بعضًا ويتنقص بعضكم بعضًا.
وتمثيل الأشخاص بحركاتهم وكلامهم إذا كانوا غائبين أو حاضرين ويكرهون ذلك؛ فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه أذية للمسلمين، والله جل وعلا يقول: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1.]؛ فهذا الذي يفعله هذا الشخص أمر مُحرَّم، وعليه أن يتوب إلى الله.
وما فعلتيه من الإنكار عليه والتغليظ عليه شيء واجب عليك تؤجرين عليه إن شاء الله؛ لأنه من إنكار المنكر، ولا يلزمك شيء في هذا، بل هذا من إنكار المنكر الذي تثابين عليه إن شاء الله تعالى