السؤال :
الكلمة الطيبة كما قال رسول الثقلين صلى الله عليه وسلم في الحديث: من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة هذه الكلمة التامة مع الجزئين أي: (لا إله) نفي و (إلا الله) إثبات, وذلك دال على وحدانية الله تعالى, والجزء الثاني الدال على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم في أي كتاب أجدها؟ وإن كانت مع الجزئين في كتاب الله تعالى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ما سواهما في أي كتاب ما جمعا مع الجزئين؟
الجواب :
ورد الركن الأول من أركان الإسلام بجزأيه في القرآن الكريم كثيرا, فالجزء الأول, كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقوله: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} وقوله:{ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء} والجزء الثاني, كقوله تعالى:{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} وقوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}
وأما السنة ففي الصحيحين, عن ابن عمر رضي الله عنهما, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وحج البيت, وصوم رمضان وفي (صحيح مسلم)، عن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد, أخبرني عن الإسلام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا". قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه, قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره " قال: صدقت, قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "، قال: صدقت, قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل "، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: "أن تلد الأمة ربتها, وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " ثم انطلق. فلبث مليا, ثم قال لي: "يا عمر, أتدري من السائل "؟ قلت: الله ورسوله أعلم, قال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم
وفي الصحيحين, عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمدا عبده ورسوله, وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه, وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل وفي البخاري, عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله, فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها, وحسابهم على الله وفي الصحيحين من حديث عتبان رضي الله عنه مرفوعا: فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله, يبتغي بذلك وجه الله
وقد فسر أهل العلم هذه الأحاديث وما جاء في معناها: بأن من تلفظ بهاتين الشهادتين والتزم بحقهما من أداء الفرائض وترك المحرم وإخلاص العبادة لله وحده, فإن الله يدخله الجنة من أول وهلة. أما من مات على شيء من المعاصي دون الشرك ولم يتب منها فهو تحت مشيئة الله إن شاء سبحانه غفر له وأدخله الجنة على ما كان عليه من عمل, وإن شاء عذبه على قدر معصيته ثم يدخله الجنة, كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن القرآن يفسر بعضه بعضا وهكذا السنة, قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وهذه الآية في غير التائبين.
وأما قوله سبحانه:{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} فهي في التائبين بإجماع أهل العلم, وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم من أهل العلم والإيمان, كالأئمة الأربعة وأتباعهم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز