السؤال :فصل: فى ألا يسأل العبد إلا اللهالجواب :قال الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8] قال النبى صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). وفى الترمذي (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر)، وفى الصحيح، أنه قال لعدى بن مالك والرهط الذين بايعهم معه: (لا تسألوا الناس شيئًا) فكان سوط أحدهم يسقط من يده، فلا يقول لأحد: ناولنى إياه، وفى الصحيح فى حديث السبعين ألفا، الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يَسْتَرقوُن، ولا يَكْتَوُون، ولا يتَطيَّرُون)، والاسترقاء طلب الرقية، وهو نوع من السؤال.
وأحاديث النهى عن مسألة الناس الأموال كثيرة كقوله: (لا تحل المسألة إلا لثلاثة..)، وقوله: (لأن يأخذ أحدكم حبله...) الحديث، وقوله: (لا تزال المسألة بأحدهم...)، وقوله: (من سأل الناس وله ما يغنيه...)، وأمثال ذلك. وقوله: (من نزلت به فاقَةٌ فأنزلها بالناس، لم تسد فاقته) الحديث.
فأما سؤال ما يسوغ مثله من العلم، فليس من هذا الباب؛ لأن المخبرلا ينقص الجواب من علمه بل يزداد بالجواب، والسائل محتاج إلى ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (هلا سألوا إذا لم يعلموا ؟ فإن شفاء العىِّ السؤال). ولكن من المسائل ما ينهى عنه، كما قال تعالى: {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء} [المائدة: 101].وكنهيه عن أغلوطات المسائل ونحو ذلك.
وأما سؤله لغيره أن يدعو له: فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لعمر: (لا تنسنا من دعائك)، وقال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علىّ فإنه من صلَّى علىَّ مرة صلى الله عليه عشرًا، ثم سلوا الله لى الوسيلة فإنها درجة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لى الوسيلة حَلَّتْ له شفاعتى يوم القيامة)، وقد يقال فى هذا: هو طلب من الأمة الدعاء له؛ لأنهم إذا دعوا له حصل لهم من الأجر أكثر مما لو كان الدعاء لأنفسهم. كما قال للذى قال: أجعل صلاتى كلها عليك ؟ فقال: (إذًا يَكْفِيكَ الله ما أهَمَّكَ من أمر دنياك وآخرتك)، فطلبه منهم الدعاء له لمصلحتهم، كسائر أمره إياهم بما أمر به، وذلك لما فى ذلك من المصلحة لهم، فإنه قد صح عنه أنه قال: (ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكل الله به ملكا كلما دعا دعوة قال الملك الموكل به: آمين ولك مثله).